الأربعاء، 20 مارس 2013

"الفقر.. والخناق.. والمرض" بين سكان "مؤسسة الزكاة" في الفيلم التسجيلي "يا واكل قوتي"


"الفقر.. والخناق.. والمرض" بين سكان "مؤسسة الزكاة"
 في الفيلم التسجيلي "يا واكل قوتي"


على بعد أمتار من تلال القمامة، يقف حشد كبير من صغار ونساء وشيوخ حول كشك من الخشب، تتعالى أصوات الصغار بهتاف: "عربية العيش وصلت". 

لحظات بين وصول السيارة التابعة لأحد منافذ الخبز الخاصة بالقوات المسلحة، وبدء تفريغ حصة القرية من الخبز، والتي قوامها 5000 رغيف مدعم، حتى تكون الدولة، بذلك، قد قدمت دعمها على الخبز للفقراء من مواطنيها. 

يشبه أهالي قرية "مؤسسة الزكاة"، الواقعة علي الطريق الدائري والتابعة لمحافظة القاهرة، في ملامحهم وأحوالهم الكثير من سكان قرى الجمهورية، يتكون تجمع سكانها من أكثر من 3000 أسرة، تعيش أغلبها في منازل متهالكة من طابق واحد، تصطف على حافة "مصرف القرية"، وهو المكان الوحيد الذي يستوعب مخلفاتهم، ويخرج لهم في المقابل الثعابين والفئران والحشرات الضارة. 

تدق الثامنة صباحا، تقف الطوابير في انتظار وصول السيارة، في مشهد تعود عليه الجموع من أبناء القرية، يبدأ الصراع على "رغيف العيش"، تختلف الصفوف في بعضها رجالا ونساء، والوجهة الأولى للجموع هي المنفذ الوحيد للخبز، تسقط امرأة وسط الزحام، تصرخ من التدافع "حرام يا ناس.. مرض.. فقر.. وخناق كل يوم على رغيف العيش"، يتلاشى صوتها بين هرج الجموع التي تقاتل للحصول على "القوت". 

بين الأجساد المصطفة والمتدافعة، يقف هشام، صاحب الـ 11 ربيعا، ينتظر "الفرج" حسب قوله، ليجلب "بجنيه عيش"، متهما أصحاب المنفذ أنهم يبيعون "بمئات الجنيهات من الأرغفة إلى تجار العيش، الذين يقومون بتنشيفه وبيعه"، شاكيا مأساة ليس يعاني منها بمفرده "شوفولنا صرفة في حكاية العيش، بجنيه مش بيقضينا، والناس بتاكل بعضها". 

بينما يتحدث الطفل، تسقط فوزية ممسكة بأرغفتها، بعد أن أرهقها التعب خلال فترة الانتظار، تتحدث عن حالها ملامحها العابسة وجسدها النحيل، الذي يعاني فشلا كلويا، قبل أن تلخص قضيتها في "فقر، وخناق، ومرض". 

تعول السيدة الأربعينية أسرة من 3 أشخاص، وتعمل في صناعة الأقفاص، تستيقظ "من النجمة" متجهة لـ"طابور العيش"، متحاملة على نفسها رغم مرضها، لتعود لمنزلها لإشباع تلك الإفواه. 

إلى جوار الطابور، تفترش الحاجة مريم الزعبلاوي الأرض متشحة بالسواد، أمام منزل من طابق واحد من الطين والخوص جوار مجرى الصرف، تعيش مع أسرتها المكونة من 4 فتيات وولد، تعمل على تربيتهم من خلال 70 جنيها، معاش زوجها، علاوة على عمل ما تجنيه بناتها من علمهن. 

تزاحم مريم، كل صباح، أجساد الجموع لتخرج بكمية وفيرة من أرغفة الخبز، لتنشيفها وبيعها، مساهمة منها في سد احتياجات أسرتها، بعد أن منعها ضيق الحال من استكمال ابنتها هيام لتعليمها، "باجيب حبة عيش من الفرن، بأكل الكتاكيت منهم، واللي يفيض بنشفه وابيعه، بيجيب 20 أو 30 جنيها عشان نعرف نصرف على الأيتام". 

يقول حسين عفيفي "في الأفران بس تقف 3-4 ساعات عشان تجيب الرغيف أبو شلن وفي الآخر مابتاكلوش، النهاردة بقى فيه 20 أو 30 فرن بلدي وماتعرفش تاكل منهم رغيف"، فيما تشرح سيدة طاعنة في السن، تعيش في الشقة المجاورة لحسين، معانتها قائلة "خدوا بطاقتي وبطاقة جوزي عشان يصرفولنا 20 رغيف بجنيه، ومشفناش منهم حاجة". 

اعتقد الجميع من سكان القرية أن ثورة يناير ستحقق لهم أبسط أحلامهم، "رغيف العيش" أو"قوت يومهم" أصبحت رحلة معاناة يومية، يعلمون أن السبب ليس في "فقر مصر"، لكن في ما هو أبعد، لكن السبب لا يشغلهم كثيرا طالما أن المبدأ أصبح: "يا واكل قوتي يا ناوي على موتي". 

0 التعليقات:

إرسال تعليق